السبت، 22 أغسطس 2015

إنما نحترمك ما احترمت الأئمة


إنما نحترمك ما احترمت الأئمة

فإذا أطلقت القول فيهم فما نحترمك



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه ترجمة فيها عبرة
محمد بن سعدون

أبو عامر القرشي العبدري الأندلسي الحافظ

قال الحافظ ابن بشكوال

في "الصلة في تاريخ أئمة الأندلس" (ص: 534)

رحل إلى المشرق ودخل بغداد وسمع بها من أبي عبد الله الحميدي جاره، ومن أبي الحسين الطيوري، وأبي نصر محمد الخراساني وغيرهم.

وصحب هنالك الإمام أبا بكر ابن العربي شيخنا وسمعته يقول:

 لم أر ببغداد أنبل منه،

وسمع منه شيخنا أبو بكر وقال:

هو ثقة حافظ جليل، لقيته فتي السن كهل العلم ا.هـ

وقال الذهبي في السير:

أحد الحُفاظ والعلماء المبرزين، ومن كبار الفُقهاء الظّاهرية، ...

قال القاضي أبو بكر محمد بن العربي في " مُعجَمه ":

أبو عامر العَبْدريّ هو أنبل من لقِيته.

وقال ابن ناصر: كان فهْمًا، عالمًا، متعففًا مع فقره، ...

وذكره السِّلفيّ في " مُعْجَمه " فقال:

 كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السّلام، متصرفٌ في فنون من العلوم أدبًا ونحْوًا، ومعرفةً بالأنساب،

قال: وكان داوديّ المذهب، قُرَشِيّ النَّسَب، كتب عنّي وكتبت عنه، ومولده بقُرْطُبَة من مدن الأندلس.

قال ابن نقطة:

حدثنا أحمد بن أبي بكر البندنيجيّ أنّ الحافظ ابن ناصر قال:

 لما دفنوا أبا عامر العَبْدريّ ... خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفِري

مات أبو عامر حافظ أحاديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ شاء فلْيَقُلْ ما شاء.

وقال الحافظ ابن عساكر في تاريخه (53/ 59)

 كان فقيها على مذهب داود بن علي الظاهري

وكان أحفظ شيخ لقيته سمع من أبي الحسن بن طاهر النحوي بدمشق ثم سكن بغداد وسمع بها ... كتبت عنه

ثم قال ابن عساكر:

سمعت أبا عامر يقول ذات يوم وقد جرى ذكر مالك بن أنس رحمه الله جلف جاف دخل عليه هشام بن عمار فضربه بالدرة

وقرأت عليه بعض كتاب الأموال لأبي عبيد فقال لي يوما وقدم بعض أقوال أبي عبيدة ما كان إلا حمارا مغفلا لا يعرف الفقه

وحكى لي عنه أنه قال في إبراهيم النخعي أعور سوء

فاجتمعنا يوما عند أبي القاسم بن السمرقندي في قراءة الكامل

 لابن عدي فحكى لابن عدي حكاية عن السعدي فقال:

 يكذب ابن عدي إنما هذا قول إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني

فقلت له: السعدي هو الجوزجاني

ثم قلت إلى كم نحتمل منك سوء الأدب!!

تقول في إبراهيم النخعي كذا

وفي مالك كذا

وفي أبي عبيد كذا

وفي ابن عدي كذا

فغضب وأخذته الرعدة وقال كان البرداني وابن الخاضبة وغيرهما يخافوني وآل الأمر إلى أن تقول لي هذا

فقال له ابن السمرقندي هذا بذاك

وقلت له:

إنما نحترمك ما احترمت الأئمة فإذا أطلقت القول فيهم فما نحترمك

فقال: والله لقد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممن تقدمني

وإني لأعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلماه من صحيحيهما

فقلت له على وجه الاستهزاء فعلمك إذا إلهام

فقال أي والله إلهام

وتفرقنا وهاجرته ولم أتمم عليه كتاب الأموال

قال ابن عساكر:

وكان سيئ الاعتقاد يعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها

قال ابن عساكر:

بلغني أنه قال يوما في سوق باب الأزج " يوم يكشف عن ساق " فضرب على ساقه وقال ساق كساقي هذه

قلت: قال الذهبي في تذكرة الحفاظ:

هذه حكاية منقطعة، وهذا قول الضلال المجسمة، وما أعتقد أن بلغ بالعبدري هذا ا.هـ

قال ابن عساكر:

وبلغني عنه أنه قال أهل البدع يحتجون بقوله " ليس كمثله شئ " أي في الإلهية تاما في الصورة فهو مثلي ومثلك فقد قال الله تعالى " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء "  أي في الحرمة لا في الصورة

قال الذهبي في تذكرة الحفاظ (4/ 48)

قلت: تعالى الله عن ذلك وتقدس وهذا لا يتفوه به مؤمن فإن الله تعالى لا مثل له أبدًا.

قال ابن عساكر:

وسألته يوما عن مذهبه في أحاديث الصفات

فقال اختلف الناس في ذلك فمنهم من تأولها ومنهم من أمسك عن تأولها ومنهم من اعتقد ظاهرها ومذهبي أحد هذه الثلاثة مذاهب  

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:

قُلْتُ: مَا ثَبَتَ عَنْهُ مَا قِيْلَ مِنَ التَّشبيه، وإن صح، فبعدًا له وسحقًا ا.هـ

وقال ابن عساكر:

وكان يفتي على مذهب داود فبلغني أنه سئل عن وجوب الغسل على من جامع ولم ينزل فقال لا غسل عليه الآن فعلت ذلك بأم أبي بكر يعني ابنه وكان بشع الصورة زري اللباس يدعى أكثر مما يحسن ا.هـ

قال الذهبي في تذكرة الحفاظ (4/ 48)

قلت: حدث عنه الحافظ ابن عساكر بعد ذاك الحط ويحيى بن يوش وأبو الفتح المندائي ا.هـ

وقال في تاريخ الإسلام ت بشار (11/ 408):

قلت: روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، ويحيى بن بوش، وأبو الفتح المندائيّ، وجماعة،

وخمل ذِكره لبِدْعته.

وعلق العلامة المعلمي اليماني

في " تذكرة الحفاظ ": 4 / 1274

على قول الحافظ ابن عساكر " بلغني "، فقال:

 " بلغني " أخت " زعموا "

فإذا رأيت العالم يمتطيها للغض من مخالفيه، فاعلم أنها مطية مهزولة ألجأته إليها الضرورة،

وقد حدث ابن عساكر عن شيخ العبدري، وشهد له أنه أحفظ شيخ لقيه كما مر ا.هـ

فكم في هذا من عبر

ابن عساكر يغار على العلماء ويدافع عن السلف

والذهبي يتثبت ويتحقق من النقل

والمعلمي رحمه الله يدقق في الحجج

مع الاحترام والتبجيل وإعطاء كل ذي حق حقه


شرف صحبة الأخيار وشرف أهل الحديث ترجمة فيها عبرة

بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة فيها عبرة
شرف صحبة الأخيار
وشرف أهل الحديث

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد:
فقد مر معي اليوم ترجمة راوي فيها عبرة
اسمه الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة
توفي عام 493هـ
 قالوا في ترجمته
كان رجلا صالحا في نفسه
واتهمه بعضهم بالرفض
وكان فقيرا عفيفا
من أولاد المحدثين
وقيل:
كان شيخا صالحا،
ولا يعرف شيئا ما من الحديث،
كان عاميا خاليا من العلم والفهم
وقال الذهبي عنه: كان ناطور حمام
ومن اللطائف: أنه كان يلقب بالحافظ
لا لحفظه الحديث ولكن لأنه كان يحفظ الثياب للداخلين إلى الحمام
ويلقب بالثيابي لذلك
امتنع جماعة من الأخذ عنه
ولكن
أقبل على الأخذ عنه جماعة كثيرون
...
... فقد ازدحم عليه العلماء من الأمصار
وروى عنه المئات من العلماء وحفاظ الآثار
وذكر السمعاني أنه روى عنه جماعة من أهل:
أصبهان
والموصل
ومكة
وبغداد
وهراة
ومرو
ثم قال... وجماعة كثيرة سواهم قريبا من أربعين نفسا
هذا الرواي
كان من أبناء المحدثين
حرص جده عليه في صغره  فكان يصحبه إلى مجالس المحدثين
 فسمع الكثير من الكتب
ثم عاش وعُمرَّ حتى احتاج الناس إلى القراءة عليه لعلو سنده
فسمع منه الحفاظ، وحدث بالكثير، وانتشرت الرواية عنه.
وترخصوا في الأخذ عنه
لأنه كما قيل
 إنما يؤخذ عنه أجزاء معروفة مضبوطة
يوجد سماعه عليها بخط من يوثق به
لقد خلد الله ذكره فتجده في جل أسانيد الناس اليوم
بركة الحديث وصحبة أهله
 فما أعظم الحديث وأهله
....
من صاحب الأشراف صار مشرّفا *** ومُصاحبُ الأنذال غيرُ مشرّفِ
أوما ترى الجلد الحقير مُقبَّلا*** بالثغرٍ لما صار جلد المصحف!!
[مع التحفظ على تقبيل المصحف]
 ...
عليك بأرباب الصدور , فمن غدا.. مضافاً لأرباب الصدور تَصَدّرا
وإياك أن ترضى صحابة ناقص.. فتنحط قدراً من علاك , وتُحْقَرَا
فرفع " أبو من " ثم خفض مزمل.. يبين قولي , مُغرياً ومُحَذِّرا
...
وهذه الأبيات أشار فيها الشاعر بقوله : " أبو من " إلى أن الاسم يكتسب الصدارة إذا أضيف إلى اسم استفهام.
وأشار بقوله : " ثم خفض مزمل "
إلى بيت امرئ القيس :
كأن ثبيراً، في عرانين وبله ........ كبيرُ أناس  في بجادِ مزملِ
فــــــ " مزمل " صفة لـ " كبير " 
لكنها جرت لما جاورت كلمة مجرورة .
وعلى هذا فقد حذر  من أن يحل بالإنسان , إذا صاحب أهل الدناءة ,
ما حل بمزمل حين جاورت كلمة مجرورة ,
ويغري السامع أن يصاحب أهل الرتب والشرف , كالمضاف إلى اسم الاستفهام الذي تصدر لمصاحبته له
.وقيل أيضا:
من لم تجانسه فاحذر ان تجالسه
ما ضر بالشمع إلا صحبة الفتل